اللغة العربية تفرض وجودها عالميًا.. مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تواصل رسالتها الثقافية
تقدم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض برامج ومشروعات ثقافية متنوعة، ضمن فضاء معرفي واسع، يهدف إلى نشر الوعي الثقافي بكل عناصره لدى مختلف شرائح المجتمع، ونشر الثقافة العربية والإسلامية في العالم، إذ تبقى اللغة العربية هي الواسطة المعرفية التي تنتشر محليًّا وعالميًّا ويتعزز حضورها في مختلف الفعاليات.
وبمناسبة احتفاء منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة باليوم العالمي للغة العربية الذي يواكب 18 ديسمبر من كل عام نستعرض في هذا التقرير أبرز البرامج الثقافية بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي تعزز من الحضور العالمي للغة العربية
تقوم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض بدور كبير في نشر ثقافة اللغة العربية من خلال أهداف جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة، بمنح جوائز للترجمة من العربية وإليها بمختلف اللغات، وهي بذلك تثري اللغة العربية بالمصطلحات والمفاهيم العالمية الجديدة في مختلف المجالات، مما يوسع من فضائها المعجمي والمفاهيمي، حيث قدمت الجائزة للمكتبة العربية أكثر من (30) كتابًا مترجمًا للعربية من مختلف عناصر المعرفة وقد حازت جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة ثقة مراكز الترجمة والتعليم والجامعات العالمية، واعترافًا دوليًا كبيرًا لأهمية الجائزة وما تقدمه من جهود كبيرة لتفاعل الثقافات واللغات العالمية مع اللغة العربية.
ويُرَشَّح للجائزة في ستة فروع من بينها: جائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وجائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وجائزة الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وجائزة الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى.
من جانب آخر تواصل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أنشطتها فيما يتعلق بالترجمة من اللغات العالمية إلى العربية، ونقل النبض الإنساني بمختلف توجهاته العلمية إلى الحياة الثقافية العربية، والعمل على فتح نوافذ عالمية أمام الباحثين والعلماء للاطلاع على كل جديد من الكتب في التقنية والعلوم والتاريخ والأدب والرحلات، وقد ترجمت المكتبة ذلك من الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية واليابانية.
ويشكل مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مطلع أبريل 2007م لخدمة اللغة والثقافة العربية وتوثيق وفهرسة المنجز الفكري للوطن العربي باللغة العربية، عملًا ثقافيًا ناجزًا، حيث وحد العمل المكتبي في 22 دولة، كما أنه يوفر الاطلاع على كل المكتبات العربية من أي مكان وفي أي زمان وربطها بالثقافات العالمية الأخرى.
ويضم الفهرس (134) عضوًا من المحيط إلى الخليج لمجموعة من المكتبات المختلفة منها الوطنية والأكاديمية والمتخصصة، (114) مكتبة، إضافة إلى عضوية الناشرين (11) عضوًا والأقسام التعليمية (9) أقسام، مشكلًا نقلة نوعية في تاريخ العمل المكتبي والثقافي العربي المشترك، إذ أسهم في جمع المحتوى الثقافي للعالم العربي، وأصبح في مقدور الباحثين الوصول إلى أمهات الكتب وجميع مصادر المعلومات في شتى المجالات بيسر وسهولة.
ويمثل الفهرس العربي الموحد منصة للخدمات المعرفية العربية، إذ حقق ريادة عربية في الاستمرار والعمل بمرونة كبيرة وبكفاءة مع مؤسسات المعرفة منذ انطلاقته في تقديم الخدمات في عام 2006 حتى اليوم.
وقد تمكن الفهرس العربي الموحد من بناء أكبر قاعدة ببليوجرافية تحصر الإنتاج العربي.
وفي تقرير أصدره في (نوفمبر 2023) أشار إلى أن عدد تسجيلات الفهرسة المنقولة يبلغ (3) ملايين تسجيل، وعدد تسجيلات المكتبة الرقمية ( 137000) فيما قدم (425) دورة درب فيها 8300 ، وقدم (5) مبادرات، وعقد (180) ندوة ضمن البرنامج المعرفي للفهرس حضرها أكثر من (65000) من المتابعين والباحثين.
وقدم الفهرس سبع مبادرات هي: الانفتاح على اللغات الأخرى، والمبدعون العرب، والفهارس الوطنية، والمكتبة الرقمية العربية، ومبادرة البيانات المترابطة، ومبادرة الوصول الحر، وريادة الأعمال.
وعلى صعيد مساهمة الفهرس في بناء الفهارس الوطنية العربية فقد دشنت (11) بوابة لمكتبات الدول العربية: (المملكة العربية السعودية، الإمارات، البحرين، عمان، الأردن، السودان، المغرب، الكويت، الجزائر، موريتانيا، تونس)، وسيستكمل الفهرس تدشين بقية بوابات مكتبات الدول العربية خلال الأعوام القادمة.
من جانب آخر وقّعت المكتبة مذكرة تفاهم مع مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في 3 مايو 2024م من أجل تعزيز التعاون المشترك بينهما، من خلال تنفيذ عدد من المشروعات التّطويريّة، والأنشطة الثّقافية والتّدريبيّة في مجال خدمة اللغة العربية وعلومها وفنونها وآدابها، بما يتوافق مع مستهدفات برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030.
وتشمل مذكرة التفاهم مجالات التّعاون في بناء القواعد (الببليوجرافيّة)، والملفات الاستناديّة، في علوم اللُّغة العربيّة، والعلوم الأخرى ذات العلاقة، ومجال بناء المستودعات الرقميّة، إضافة إلى التّعاون في مجال بناء المدوّنات اللُّغويّة للنّصوص العربيّة، وإصدار قوائم الشّيوع اللُّغويّة بأنواعها المختلفة.
وتقيم المكتبة مجموعة من المعارض النوعية التي تبرز جماليات اللغة العربية الصوتية والشكلية والفنية، حيث أطلقت في الأعوام الماضية عدة معارض منها: معرض المخطوطات العربية النادرة، حيث عُرضت بعض مقتنيات المكتبة من المخطوطات منها كتاب النوادر لأبي زيد الأنصاري، وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهري، وديوان للمتنبي كتب قبل 400 عام وغيرها من المخطوطات النادرة.
كما أقامت المكتبة: “المعرض العالمي للخط العربي” وعرضت من خلاله مكتبة تضم أكثر من (200) كتاب عن جماليات الخط العربي وفنونه، ولوحات متنوعة بأنواع الخط بواسطة أشهر وأميز الخطاطين.
وأقامت المكتبة معرض المسكوكات الإسلامية عبر العصور، ويتبين فيه طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية، مما يدل على هذا التنوع وحركة الكتابة الدقيقة في صياغة معلومات العملة، إضافة إلى معرض المصاحف الشريفة النادرة، حيث تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مجموعات من المصاحف الشريفة، يعود معظمها إلى ما بين القرن العاشر والقرن الثالث عشر الهجري، وتتكون من (267) مصحفًا. وتمثل المصاحف المتحفية (20 مصحفًا) طرز الفن الإسلامي والمنمنمات العربية والإسلامية.
وتعتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة كذلك بتعزيز اللغة العربية عند الأجيال جديدة، حيث أصبح (قطاع الطفولة) بالمكتبة يتضمن مختلف العناصر التي تؤدي إلى تقديم ثقافة نوعية فصحى تتنقل ما بين الكتاب إلى العالم الرقمي والميديا مرورًا بالقصص المروية مقروءة أم مسموعة، وماراثون القراءة، فضلًا على المؤلفات الخاصة بثقافة الطفل من قصص وآداب وتاريخ وعلوم وفنون.
كما أنشأت قسمًا خاصًا بالمقتنيات النادرة يتشكل من المخطوطات العربية والإسلامية، والصور والوثائق والخرائط والمسكوكات العربية والإسلامية، والكتب النادرة، وتتيح المكتبة للباحثين والدارسين العمل صوب تحقيقها وتدقيقها خدمة للغة وللثقافة العربية والإسلامية، وإسهامًا منها في الحفاظ على التراث الذي يمثل الهوية والقيمة والبعد التاريخي بكل عمقه وثرائه المعرفي.
تعليقات الزوار ( 0 )